«بنك سيليكون فالي».. تداعيات الانهيار
أصبح «بنك سيليكون فالي» أكبر مؤسسة إقراض أميركية تفشل منذ أكثر من عقد من الزمن، بعد أسبوع مضطرب شهد محاولةً غير ناجحة لزيادة رأسمال المؤسسة ونزوحاً للأموال من شركات التكنولوجيا الناشئة التي كانت غذّت صعود المقرِض.
الجهات الرقابية تدخلت ووضعت يديها على البنك يوم الجمعة الماضي، في سقوط مذهل لمؤسسة إقراض تضاعف حجمها أربع مرات على مدى السنوات الخمس الماضية، وقُدّرت قيمتها بأكثر من 40 مليار دولار العام الماضي.
غير أن إقدام الجهات الرقابية في ولاية كاليفورنيا على الاستيلاء على البنك، المعروف بـ«إس في بي» (SVB)، وتعيين «المؤسسة الفدرالية لتأمين الودائع» حارساً قضائياً يزيد من حالة الاضطراب التي كانت الزيادات السريعة في معدل الفائدة في الولايات المتحدة قد تسببت فيها بين المقرضين الصغار. فقبل أيام فقط، أعلن «سيلفرغيت كابيتال» عن إغلاق بنكه، مما أدى إلى عمليات بيع أكبر للأسهم في القطاع.
وكانت البنوك تعاني أصلاً من القفزة التي شهدتها معدلات الفائدة وأدت إلى تآكل قيمة محافظها الاستثمارية، وفي الأثناء، كان العملاء في عالمي التكنولوجيا والعملات الافتراضية يسحبون الأموال وسط ركود في أعمالهم التجارية. وفي حالة «إس في بي»، كانت حالة الاضطراب تتغذى على نفسها في وقت سارع فيه العملاء القلقون بشأن صحتها إلى سحب أموالهم.
وقال سول أوماروفا، أستاذ القانون بجامعة كورنل: «إن التهافت على سحب الودائع من البنك يتعلق في جزء كبير منه بالحالة النفسية. ومن المعقول جداً في هذه اللحظة أن يشعر المرء بالتوتر».
في واشنطن، أثارت التطورات سلسلة من النقاشات بين الجهات الرقابية الكبيرة. ويتابع مسؤولو وزارة الخزانة الوضع عن قرب، بحثاً عن أي مؤشرات على إمكانية امتداده إلى بنوك أخرى صغيرة الحجم أو متوسط الحجم، كما قال شخص مطلع على الحوارات.
وتقيّم الحكومة حالياً ما إن كانت تستطيع بيع «إس في بي»، أو أجزاء منه، بحلول يوم الاثنين، كما قال الشخص الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته لكونه يتحدث حول نقاشات داخلية. وذاك هو اليوم الذي يستطيع فيه العملاء المجيء إلى البنك والشروع في سحب بقية أموالهم.
والجدير بالذكر هنا أن ممثلي وزارة الخزانة لم يجيبوا فوراً على طلب الإدلاء بتعليق عبر البريد الإلكتروني.
وكانت المشاكل تصاعدت بالنسبة لـ«إس في بي» بعد أن نصح «صندوق المؤسسين» التابع لرائد الأعمال بيتر ثيل وشركاتٌ استثمارية مجازفة أخرى بارزة شركاتِها الاستثمارية بسحب أموالها من البنك. وأتت تلك الدعوات عقب إعلان الشركة الأم «إس في بي فاينانشل غروب» اعتزامها محاولة جمع أكثر من ملياري دولار بعد خسارة مهمة تكبدتها محافظها الاستثمارية.
وأعلنت «المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع» أن المودِعين المؤمَّن عليهم لدى «إس في بي» سيستطيعون الوصول إلى أموالهم صباح الاثنين على أبعد تقدير. في حين سيحصل المودِعون غير المؤمَّن عليهم على شهادة حراسة على المبلغ المتبقي من أموالهم غير المؤمّن عليها، كما قالت الجهة الرقابية، مضيفة أنها لا تعرف المبلغ بعد. وضمن إعلانها عن الاستيلاء على البنك، أشارت إدارة الحماية المالية والابتكار في ولاية كاليفورنيا إلى السيولة غير الكافية والإعسار كسببين.
وتعني «الحراسة القضائية» عادة أن ودائع البنك المتعثر سيتسلم المسؤولية عنها بنكٌ آخر يتمتع بوضع مالي صحي، أو أن «المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع» ستدفع للمودِعين تعويضات إلى الحد المؤمن عليه.
وقال أوماروفا: «إن تولي المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع الحراسة القضائية سيُنهي حالة عدم اليقين بشأن هذا البنك»، مضيفاً: «ولكنني لا أعتقد أن ذلك في حد ذاته سيمنع الناس بالضرورة من الشعور بقدر أقل من الأمان إذا كان لديهم نوع من الانكشاف، أو كانوا يحتفظون بأموالهم في بنوك ذات سمات مماثلة في ما يتعلق بالمخاطر».
وأُسس «إس في بي» في سنة 1983. ومنذ بدايته، تخصص البنك في توفير الخدمات المالية للشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا.
ووصلت الجهات الرقابية الأميركية إلى مكاتب «سي في بي» بكاليفورنيا، في وقت كانت تكافح فيه مؤسسة الإقراض المتعثرة لتحقيق الاستقرار في أوضاعها المالية يوم الخميس الماضي.
وكان لدى البنك حوالي 209 مليارات دولار من إجمالي الأصول وحوالي 175.4 مليار دولار من إجمالي الودائع في نهاية العام الماضي، كما قالت «المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع» الجمعة الماضي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»